جوهر مهمة كرامة هو خلق فرص للفئات الأكثر هشاشة في المجتمع ليتمكنوا من المشاركة الكاملة وليتمتعوا بكامل حقوقهم الإنسانية. من هي هذه الفئات الأكثر هشاشة؟ عملنا يستهدف بالأساس أطفال المخيمات والنساء في العائلات ذات الدخل المنخفض. نحن في مخيم الدهيشة في فلسطين وكلنا أمل بأن نحقق احتياجات المحتاجين في جنوب الضفة الغربية.
أصبح المجتمع الفلسطيني معتمداً أكثر على المعونات الخارجية والتمويل وبالأخص في فترة ما بعد اتفاقيات أوسلو، وهذا التمويل يكون في غالب الأحيان مشروطاً وغير مستدام ولا يهدف لحل مشاكل الشعب الفلسطيني أو حتى خلق مجتمع أفضل. كما يصعب بناء قطاعٍ خاص مثمر تحت تقييدات الاحتلال العسكري وتحكمه بالاقتصاد الفلسطيني المعتمد بالأساس على الاقتصاد الإسرائيلي. كما أن الجهات المتبرّعة لا تساعد في إزالة هذه التقييدات والمعوقات التي يفرضها الاحتلال بل قد تخفف فقط من حدّتها بحلولٍ قصيرة المدى. بعض المشاريع المدعومة التي تستهدف النساء في الريادة لا تحتوي على تدريبات مناسبة وذات صلة بالسياق الفلسطيني كالتدريبات والمواضيع والمهارات المبتكرة وذات الأهداف المستقبلية، عدا عن عدم استمرارية التوجيه والتدريب في مجال الأعمال والافتقار لأدوات ومهارات التسويق للمستفيدين من التدريبات. بالإضافة لذلك فإن الأفكار الريادية للرياديين الفلسطينيين ومن بينهم النساء أصبحت تفتقر للإبداع والأصالة، وأصبح الرياديون يقلدون بعضهم والأعمال الأجنبية والعالمية. نحتاج بالحقيقة لقطاع خاص مستدام وذو قيمة ويدعم الصمود والاعتماد الذاتي الفلسطيني.
بالإضافة للعقبات الريادية التي يواجهها الفلسطينيون بشكل عام فإن النساء الرياديات يواجهن تحديات إضافية. فمعظم نساء المخيم لا يحظين بفرصة دعم وتمويل مشاريعهن الناشئة ولا يحظين بقروض وغيرها من الخدمات المالية. كما قد تواجه النساء تحيزات وأنظار سلبية في سوق الأعمال التجارية وخاصة عند تولّيهن مناصب قيادية. ففي عالم يفضل الرجال على النساء في سوق العمل ويخلق العديد من الأعذار والمبررات لذلك، تجد النساء صعوبة أكبر في الوصول لمراكز مرموقة في سوق الأعمال التجارية. بالإضافة لذلك فإن العديد من النساء المتزوجات اللواتي لديهن أطفال يجدن صعوبة كبيرة في العمل بفعالية بسبب قلة الوقت زيادة المسؤوليات العائلية كالاعتناء بالمنزل والأطفال والتزامات أخرى.
على الرغم من ضعف المجتمع أمام الصدمات الداخلية والخارجية، تتحلى مؤسسة كرامة بالصمود في مساهمتها ببناء اقتصاد شامل ومجتمع يستطيع جميع أفراده التعبير عن حقوقهم الإنسانية والاقتصادية. نحن نلتزم بتمكين المرأة والشباب والأطفال والفلاحين واللاجئين ومساعدتهم لخلق مشاريع ريادية مستدامة تعود بالمنفعة عليهم وعلى مجتمعهم.
تنظّم كرامة ورشات عمل وعدة أنشطة أخرى للنساء بشكل دوري لتعليمهن مهارات عملية كالزراعة والأعمال التجارية والتسويق بالإضافة للمهارات اللينة والشخصية كالتواصل والتشبيك وبناء العلاقات وغيرها. فمثلاً نحن نساعد النساء في زراعة المحاصيل على سطوح بيوتهن وبذلك نهدف لحل مشكلة انعدام الأمن الغذائي كما نسعى لخلق مشاريع تجارية غذائية. كما نساعد وندعم الفلاحين والمزارعين في أعمالهم.
تستخدم مؤسسة كرامة الريادة الاجتماعية كمسار مهم للنساء اللاجئات، وذلك ليس فقط بسبب النتائج التمكينية التي تحققها ريادة الأعمال على الصعيدين الفردي وصعيد العلاقات، بل لأنها ترتبط بسوق الأعمال وتستفيد منه في طور التطور والنهوض وزيادة طلب الزبائن. لذلك لدى النساء الآن المزيد من الفرص لاستغلالها، كمبادرات إنتاج الأطعمة ومشاريع الأعمال اليدوية ومشاريع الأزهار والشتلات الزراعية التي تدعمها كرامة.
منذ عام 2011 أنشئنا دفيئات زراعية على السطوح في 5 مخيمات للاجئين من محافظتي بيت لحم والخليل. ساعدت هذه المساحات الخضراء الصغيرة حوالي 250 منزلاً في الوصول لمنتجات ومحاصيل طازجة عن طريق تعلّم زراعة وحصاد محاصيلهم الخاصة بإرشاد مهندسين زراعيين ودعم أخصائيين اجتماعيين.
حتى خلال جائحة كورونا، استطاعت 90% من نساءنا استكمال العمل في دفيئاتهن الزراعية والحصول على موسم حصاد ناجح ومحصول يزن من 40 إلى 240 كيلوغرام بالإجمال.
أثبتت دفيئات كرامة الزراعية كونها ملاذاً أخضر للترفيه عن النفس وتطوير النساء لأنفسهن، كما أنتجت كميات كافية من الخضار لإزاحة الحمل عن ميزانية العائلة وتحسين نظامهم الغذائي اليومي. بجانب ذلك فإن الدفيئات تحفّز ابتكار النساء وريادتهن عن طريق منح فرصة للعديد من النساء لإنتاج منتجات غذائية في مطبخهن الخاص وبيعها في مجتمعهن. حتى أن أحد النساء بدأت بزراعة نوع مميز من الفراولة على سطح بيتها وبيعها لكرامة ومؤسسات محلية أخرى!
“أذكر جيداً انبهاري عندما وضعوا الاسطوانات والأنابيب على سطح منزلي ومن بعدها أكياس التراب. لقد كنا بالبداية نعتمد كلياً على المهندسين الزراعيين في المشروع. لكن الآن فقد مرّت ثلاث سنوات، وأنا هذه السنة أعتمد كلياً على نفسي في الدفيئة الزراعية.”
قدمت كرامة دعماً ريادياً للنساء في مشاريع أعمالهن التجارية.
أولاً: تم اختيار نساء وإعطائهن ورشات تدريبية.
تضمنت هذه الورشات حصصاً سريعة في المواضيع التالية:
ثانياً: إشراك النساء الملتزمات في تطوير أفكارهن مع العاملين في المشروع للوصول لخطط مشاريع واقعية وعملية ومبنية على التجارب والأدلة.
ثالثاً: تم تقييم أفكار النساء واختيار الأفكار التي تطابق المعايير وإعطاء النساء المؤهَّلات حزمة دعم تتكون من:
وكان ذلك كله خلال فترة جائحة كورونا في فلسطين وعندما كان التواصل الشخصي محدوداً، لكن فريقنا عمل بجهد وعزيمة لإنجاح المشروع.
عام 2012 بدأت كرامة بدعم مشروع تجاري مجتمعي وهو “مَكّن.” ومكّن هو اسم وحدة إنتاج الغذاء والمتجر والمخبز الذي تبيع فيه نساؤنا منتجاتهن.
يلبّي مكّن حاجة مجتمعية وحاجة السوق عن طريق خلق فرص عمل وتوفير المنتجات الصحية والطازجة. تتكون مبادرة مكّن من مطبخ للمأكولات الشعبية ووجبات على الطلب، بالإضافة لمخبز للحلويات والمعجنات، وأيضاً متجر للخضار والأعشاب والبهارات والتوابل وغيرها من المنتجات الغذائية الصحية. كما أننا ربطنا مكّن مع مشروع الدفيئات الزراعية على الأسطح وأتحنا الفرصة للنساء لبيع منتجات دفيئاتهم الزراعية في متجرنا. نحن نعرض في متجرنا منتجات دفيئات الأسطح والمزارعين المحليين كما تصنع نساؤنا منها منتجات غذائية لذيذة، فنحن نبيع المربى والمخللات واللبن الجميد والزبيب والزعتر والدبس وغيرها!
استلزمَنا افتتاح الوحدة الغذائية جهداً وتركيزاً على عدة جوانب مالية واقتصادية وتسويقية. كما أخذنا بعين الاعتبار تطوير الأعمال والالتزام بمعايير الصحة والأمان وتعبئة وتغليف ووضع العلامات التجارية والالتزام بجودة عالية ومتطلبات السوق ومنافسته. لقد أنشئنا عدة قنوات تسويق بالعديد من الخيارات التي اخترناها خلال مراحل تخطيط العمل التجاري. كما أنشئنا علاقات وروابط مع متاجر محلية لوضع منتجات نساءنا في متاجر أكبر. كما أن هدف منشأة مكّن هو أن تتطور وتصبح مشروع عمل تجاري مجتمعي يدعم العديد من البيوت والأُسر في المخيم.
لقد نفذنا أيضاً عام 2021 بدعم من بعض متبرّعينا مجموعة أنشطة ريادية صغيرة لثماني نساء من الأُسر الهشّة في ثلاثة مخيمات جنوب الضفة الغربية، وقد اخترنا النساء ذوات الأفكار الأكثر قابلية للتطبيق والأكثر التزاماً وقمنا بتدريبهن. ثم فتحنا متجراً صغيراً فقط لبضائعهن التي تتضمن أزهاراً وشتلات زراعية تم تجهيزها في مشتل تديره امرأة من المخيم.